الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب الآجرومية
105698 مشاهدة
العلامة الثانية: التنوين

...............................................................................


ومن علامات الاسم: التنوين، يقولون: تعريف التنوين: نونٌ ساكنةٌ زائدةٌ تلحق آخر الاسم لفظًا، وتفارقه خَطًّا، وتُكْتَبُ الكلمة بدون هذه النون، ويُسَمَّى هذا النوع تنوينَ التمكينِ؛ لأن هناك أنواعًا من التنوين كتنوين الْعِوَض، وتنوين التَّرَنُّمِ، ونحوها، ولكن المراد هنا: تنوين التمكين، النون التي تدخل على آخر الاسم، تدخل عليه وهو مجرورٌ أو منصوبٌ أو مرفوعٌ.
فإن كان اسم علم منصرف دخلت عليه بكل حال، فتقول مثلا: أشهد أن محمدًا رسول الله، محمدًا ليس فيه نون، وإنما هذه نون التمكين، يقرؤها اللسان نونًا ساكنةً، ولكنها زائدة، نونٌ ساكنةٌ زائدةٌ، تلحقُ الاسمَ لفظًا وتفارقه خطًّا ووقفًا، وتقول: رأيت مسجدًا واسعًا، تَمُدُّ الدَّال والعَيْنَ في الكتابة، ولا تُدْخِلُ عليها نونًا.
وهكذا الأسماء -أسماء الأعلام- فإنك تقول: كَلَّمْتُ خالدًا، وجلست عند عمرٍو، ومررت بسعدٍ، وهذا زيدٌ مقبلٌ، ونحو ذلك، يدخل هذا التنوين على الاسم الْعَلَمِ، وكذلك على اسم الفعل، أو على المصدر، وعلى اسم الفاعل واسم المفعول، يدخل عليه هذا التنوين، فمثاله: إذا قلت مثلا: هذا كتابٌ مقروءٌ، كتابٌ اسم، مقروءٌ اسم مفعول، رجلٌ قارئٌ، رجلٌ: اسم جنس، وقارئٌ اسم فاعل.
وإذا قلت: قرأتُ قراءةً، أوْ قرآنًا، قراءةً وقرآنًا: مصدر، كما تقول: كتبتُ كتابةً مصدر، دخلت دخولًا: مصدر، وهو اسمٌ دخلت عليه هذه العلامة وهي التنوين، العلامة الواضحة لها أنها لا تكتب في آخر الكلمة، يقرؤها اللسان، ولا تكتب في آخر الكلمة للاستغناء عنها، باللفظ أو بالمد إذا كان منصوبا؛ لأنه يوقف عليه بالألف إذا كان منصوبا، فإنه لا يوقف عليه بالسكون المنصرف، بل يوقف عليه بالألف، فتقول: قرأت قرآنًا كثيرَا، إذا وقَفْتَ: ولا تقل: كثيرًا ثم تقف، عند الوقوف تقف عليه بالألف.
وتقول: اكْتَسَبَ مالًا طَيِّبَا ثم تقفُ، ولا تُنَوِّنْ طيبَا يوقف عليها بالألف، ما يحتاج التنوين إلا إذا كان لا يقف، بل يسرد الكلام، ولبستُ ثوبًا جديدَا، تقف بالْأَلِف، ولا تقل جديدًا، هذا معنى كونها يُوقَفُ عليها بالألف، جديدًا منونٌ، ولكن لم نتلفظ بالتنوين، واكتفينا بالألف، وأما ثوبًا فلم نقف عليه، فصار منونا -فيه هذه النون الظاهرة- ومع ذلك لم يوقف عليه، ومع ذلك فإنه يكتب بالألف، ثوبا تمد الباءُ كما هو معروف بالإملاء في الكتابة.
وأما إذا كان مجرورا فإنه يوقف عليه بالسكون، وكذلك المرفوع، فتقول: هذا مسجدٌ واسعْ، تقف بالسكون، لا تقل واسعٌ ثم تسكت، وتقول: هذا مالٌ كثيرْ، تقف بالسكون، ولا تحرك الراء، هذا مال كثير، هذا كسب طيب، أو تقول مثلا: أكلتُ من طعامٍ طيبٍ وشربتُ من ماءٍ قراحٍ.
وإذا سكتَّ وقفت على آخر الكلمة بدون تنوين، ومنه قوله تعالى: هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شرابُهُ لو وقفت على فرات لم تُنَوِّنْ: هذا عذبٌ فراتْ -بدون تنوين- ولكنك لما أنك وصلت قلت: هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شرابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ إذا وقفت على أجاج وقفت بدون تنوين: هذا عذب فراتْ، هذا ملح أجاجْ.
والحاصل أن التنوين يوقف عليه بالألف إن كان منصوبا، ويوقف عليه بالسكون إذا كان مجرورا أو كان مرفوعا، إذا قلت: شربتُ من ماءٍ طيبْ، وأكلتُ من مالٍ حلالْ، فالحاصل: أن التنوين من علامات الاسم، لا يدخل إلا على الاسم المراد به هذا النوع.